Friday, July 20, 2007

العهد القديم

ترددت كثيرا قبل ان اتخذ قرا الكتابه عن وضع استمر الشهر الثامن من عام 2006م هذا العام الذي تم فيه اتخاذ قرار الاحاله الى التقاعد في عهد الرئيس محمود عباس الذي انتخب كرئيس للسلطه الوطنيه الفلسطينيه اثر وفاه الرئيس ياسرعرفات متاثرا بالمرض الذي الم به ؛بعد ان سافر للعلاج في فرنسا وقضى بسبب ذلك المرض وسناتي لاحقا على ذكر بعض من التفاصيل التي وردت على لسان المسؤولين فلطينيين كانوا ام غير ذلك. وبموت الرئيس ياسر عرفات طويت حقبه طويله من صفحات التاريخ؛ الوطني امتدت جذورها الى عمق التاريخ. اربعه عقود ونيف مرت على انطلاقه حركه التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لتكون علامه فارقه من علامات النضال الفلسطيني الذي تمكن من تغير وجهه التاريخ باتجاه نضال طويل الامد ضد اسرائيل والصهيونيه العالميه وضد الدول الاستعماريه التي تحتضن اسرائيل منذ انشاءها عام 1948م بمؤامره استعماريه كانت راسها بريطانيا متمثله في وعد بلفورالذي اصدره" وزير خارجيه بريطانيا اللورد بلفور".وتلا ثم جاء تقسيم فلسطين في الثاني من تشرين الثاني 1947م ؛ الى دولتين فلسطينيه واسرائيليه ؛الامر ذلك ادى الى اعتراف العالم الغربي بها منذ قيامها.

Wednesday, March 28, 2007

تقدير الموقف في الجانب الإسرائيلي

سبق الأيام التي سبقت العدوان الإسرائيلي على الكرامة الكثير من الاعتداءات بالمدفعية والرشاشات والاستطلاع الجوي , طال خطر الجبهة من الشونة الشمالية و حتى جنوب البحر الميت ، و كانت دوريات الاستطلاع العسكري التابع لحركة فتح ، تقديم المعلومات أولا بأول عن تحركات العدو حيث شوهدت ارتال من الدروع تتمركز في منطقة الجفتلك المقابل لجسر دامية و كذلك في الهضاب الواقعة شرق مدينة أريحا و على امتداد أريحا جسر الملك حسين

و على امتداد نهر الأردن كانت مفارز من الجيش العربي الأردني منتشرة ( كقوة حجاب أو مراقبة ) في عدة نقاط مراقبة غربي الكرامة و في منطقة الشونة الجنوبية وسيمة البحر الميت

في تمام الساعة الخامسة من صباح الحادي و العشرين من آذار 1968 بدأت قوات العدو بالتمهيد الناري شمل محيط منطقة الكرامة و المرتفعات الشرقية الممتدة بين الكرامة و مرتفعات مدينة السلط الغربية ، كما شمل كل من الشونة الجنوبية و مفارز الحجاب الأردنية المنتشرة على شرق النهر باتجاه مخيم الكرامة.
و في الساعة الخامسة و النصف صباحا اخترقت وحدات الدروع المعادية نقاط العبور من على نهر الأردن، من جسر دامية شمالا و حتى غور الصافي جنوب البحر الميت جنوبا و قد استمدت المحاور التالية

1- محور جسر الملك حسين ( وادي شعيب ، جسر للبي سابقا ) كمحور هموم رئيسي و المؤدي إلى الشونة الجنوبية – وادي شعيب – مدينة السلط . و من هذا المحور باتجاه الكرامة و وادي شعيب

2- محور هجوم ثانوي ( محور العارضة ) جسر الأمير محمد ( داميا ) المثلث المصري طريق العارضة – مدينة السلط

3- محور سويمة من جسر الأمير عبد الله إلى غور الرامة – ناعور ( الطريق الرئيس لقدس عمان )

4- محور غور الصافي من جنوب البحر الميت إلى غور الصافي و بالتالي الطريق المؤدي إلى الكرك

و لقد استخدم العدو في هذا الهجوم الدروع و المشاة الميكانيكية إضافة إلى مدفعية الميدان و المدافع الثقيلة إضافة إلى سلاح الجو و طائرات الهيلوكبتر
و قد تبين فيما بعد بان تشكيلة القوات المعادية التي اشتركت في الهجوم على الشكل التالي
أ: لواء الدروع السابع ( لواء مدرع نظامي
ب: لواء الدروع الستين
ج: لواء مظليين / 35
د: لواء المشاة / 80
ه: وحدات مدفعية ( خمس كتائب مدفعية ميدان ثقيلة عيار 105 مم ، هاو تزر 155 مم ، إضافة إلى راجمات صواريخ
و: أربعة أسراب طائرات مقاتلة نفاثة من نوع ميراج ، مستير و غيرها
ز: طائرات هيلوكبتر قادرة على نقل كتيبتي مظلي
فمثلا اللواء السابع المعادي يمتلك
ا.كتيبه دبابات سنتوريون مارك مسلحه بمدافع عيار -105-مم مع رشاش500مم
ب: كتيبه دبابات سوبر شيرمان
ج: كتيبه ناقلات جنود مشاه ميكانيكيه –نصف مجنزرة
د.عنا ز: طائرات هيلوكبتر قادرة على نقل كتيبتي مظليين مع معداتهم. صرمن الإسناد والخدمات والمشاغل والخدمات الطبية المحمولة
ه.عناصر الاستطلاع من مدرعات وبنهار دو—م.× ألفرنسيه
وكان اندفاع اللواء السابع على محاور التقدم المعادي ألرئيسيه كمحور جسر الملك حسين- الشونة ألجنوبيه وكذلك محور جسر دامية-المثلث المصري –ألعارضه- وكذلك مثلث المصري- ألكرامه.وذلك بما يتميز هذا اللواء من تدريب وتأهيل وتسليح وخبره قتاليه

هذا الحجم الكبير من القوى ألمستخدمه في الهجوم لا شك أن له دلالات كثيرة ؛أهمها محاوله القضاء على الوجود الفدائي على الساحة الأردنية والتمركز في المناطق التي سيتمكنون من الوصول إليها وبالتالي إجبار الحكومة الأردنية على منع التواجد الفدائي على أراضيها؛ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فربما يمنع هذا الحجم الكبير من القوى ألمهاجمه الجيش الأردني من التدخل في المعركة

إسرائيل التي رفعت شكاوى إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة متهمه الحكومة الأردنية بإيواء الفدائيين والسماح لهم بمهاجمه إسرائيل عبر أراضيها؛ هذه الشكاوى والحملة الإعلامية ما هي إلا مقدمه لعدوان واسع النطاق تمهد لشنه على الأردن وعلى مواقع الفدائيين بشكل خاص
لم يكن أمام الجيش الأردني من خيار سوى ألمواجهه؛ فشرف الجيش العربي الأردني وهو يرى اندفاع جيش العدو باختراق أراضيه وهرما زال يتذكر أهوال هزيمة حرب حزيران؛ لا تسمح له بالوقوف متفرجا

لذلك فقد امتصت مفارز قوه الحجاب الأردنية ألصدمه الأولى للهجوم المعادي من على محاور التقدم ( سواء من محور جسر الملك حسين-الشونة ألجنوبيه-وادي شعيب –مدينه السلط أو-محور جسر الأمير محمد-دامية-مثلث المصري-الكرامة مرورا بالشريط الذي يصل إلى منطقه غور الصافي) وفي هذا الوقت كانت ألكرامه تتعرض لقصف جوي ومدفعي شديدين وكذلك المرتفعات ألشرقيه للكرامة
في هذه الأثناء قام العدو بانزالات جوية على المرتفعات ألواقعه شرقي ألكرامه قرب بركسات الدجاج وكانت خسائرهم كبيره حيث وقعوا في كمين لقواتنا؛ وقد تدخلت طائرات الهيلوكبتر لمساعدتهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منهم؛ أما داخل ألكرامه فبدا التحام مقاتلينا باليات العدو التي اقتحمت المخيم من النواحي ألغربيه والشمالية والجنوبية ؛وتصدت لهم بإرادة صلبه قويه ؛ارتاده المؤمن بالله وقضيته ألوطنيه ؛وقد سجل هؤلاء الأبطال ملاحم شرف اقتحموا الدبابات بالألغام وبالقنابل اليدوية وفجروا الآليات بأجسادهم الغرة كما حدث مع الأبطال أبو شريف الذي فصل رأسه عن جسده وكذلك الفسفوري وربحي ؛ لقد اجبر تصميم هؤلاء الأبطال أطقم الدبابات ألمعاديه على النزول من على دباباتهم

الموقف العام ما قبل اجتياح الكرامة

لقد ساهم وجود القوات ألعراقيه في الأردن والتي دخلت إلى الأردن أثناء حرب حزيران 67فقد ساهم هذا التواجد في مساعدتنا على التنقل ما بين الحدود ألسوريه ومناطق الأغوار,الأمر الذي سهل لنا نشر قواعد إرتكازية على امتداد منطقه الأغوار من الشونة ألشماليه شمالا وحتى الكرامه جنوبا. وقد شملت هذه المواقع كل من الشونة ألشماليه تل الأربعين وادي اليابس و الكريمة .وكان هذا التموضع يأخذ بعين الاعتبار عدم الاحتكاك مع الإخوة في الجيش العربي الأردني وحتى لا تحدث إشكالات بسبب ذلك. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان التعليمات كانت واضحة وهي عدم القيام بعمليات على ألقشره أي على امتداد النهر بل كانت توجه الدوريات إلى داخل الأرض ألمحتله وفق أهداف
تحدد مسبقا لهذه الدوريات إلا إذا فرضت الظروف على هذه الدوريات كالاصطدام المباشر مع أفراد العدو أثناء تحرك الدورية
أما في ألكرامه فكان الوضع مختلف فالتركيز الكبير والعناية الخاصة التي أولتها قياده الحركة بسبب موقعها الجغرافي واستخدامها في تدريب وتأهيل الدوريات تمهيدا لزجها إلى داخل الأرض ألمحتله. ولذلك ركزت فتح على وجودها وكذلك الجبهة ألشعبيه فلها بعض المجموعات. كذلك كانت قوات التحرير الشعبية ألتابعه لجيش التحرير الوطني الفلسطيني.وكان تموضعها في الناحية ألشماليه ألشرقيه من المخيم . أما توزيعه حركه فتح فكانت كما يلي

1.قاعدة الشهيد أبو شريف وقائدها عبد الإله الاتيري ومكان تواجدها في الجانب الغربي من المخيم – وكانت مهمتها تريب وتأهيل الدوريات وإرسالها إلى الأرض المحتلة
2. مجموعه حماية المقرات سواء مقرات ا لقيادات أو المقار اللوجستيه والمنتشرة في أماكن مختلفة من المخيم
3.مجموعات في الجانب الجنوبي من المخيم
4.معسكر تدريب خلف المرتفعات المطلة على المخيم من الناحية ألشرقيه.بقياده الشاب المناضل ماهر
5.مجموعات انتشرت حول بركسات الدجاج ألواقعه في الناحية الشمالية الشرقية وكانت مهمتها التعامل مع الإنزالات ألمحتمله في تلك ألمنطقه ؛تلك ألمنطقه التي تؤدي إلى السفوح ألغربيه لجبال السلط بقياده المناضل إبراهيم الاسلامبولي
6.مجموعات صغيره تم نشرها إلى الغرب من قاعدة أبو شريف وهذه مسلحه بالا.ر.ب.ج 2 اوب7وكذلك بألغام فرديه واليه بهدف تعطيل تقدم العدو وإيقاع اكبر الخسائر في صفوف القوات المعادية
7.مفارز تم نشرها شمال المخيم لمواجهه محاولات التقدم من جسر دامية- المثلث المصري-ألكرامه
8. حمله أل.ر.ب.ج. بالعدد المتوفر تم توزيعها في المحاور ألمحتمله لتقدم الدبابات باتجاه المخيم من الشمال أو الجنوب أو الغرب

أما فيما يتعلق بالا سلحه المتوفرة فمعظمها فرديه باستثناء بعض الرشاشات الثقيلة مثل الدوشكا وكذلك بعض مدافع الهاون 81مم والهاون 60مم ورغم قلتها إلا أنها ساهمت في التصدي للعدو طبعا هذا أضافه إلى الألغام الآلية والفردية وكذلك القنابل اليدوية بأنواعها

في لقاء قياده فتح بالرئيس عبد الناصر بعد حرب حزيران وبعد نقاش مستفيض قال لهم ليس هناك خطه لتحرير فلسطين ولتعلموا جيدا أنكم إذا لم تتحركوا انتم وتشعلوها فلن يشعلها احد
كلمات عبد الناصر هذه تعبر عن القلق الذي يساور عبد الناصر وغير عبد الناصر من وطنيي هذه الأمة وهو حق مشروع بسبب الوضع العربي والدولي وبسبب آثار ونتائج الهز يمه وما خلفته من أثار سلبيه ومن القلق على مصير هذه ألامه والقضية ألفلسطينيه.أما حركه فتح حديثه النشأة فكان لا بد لها من اختراق جدار الصمت والهزيمة باعتبارها صاحبه القضية ولذلك بدأت تفكر في الطرق والوسائل التي تتمكن من خلالها من أعاده الحياة إلى هذه ألامه التي احتواها الغيظ والقهر. من هنا كان لابد من انطلاقه جديدة وخطوط عريضة تستخدمها.وفق خطوط متوازية

أولها :-العمل على نقل مقارها إلى منطقه الأغوار بغيه تسهيل تمرير الدوريات إلى الأرض ألمحتله
ثانيها:-تكليف دوريات بتنفيذ المهام داخل مواقع تجمعات الجيش الإسرائيلي
ثالثا:-الاستمرار في التواصل مع قواعدنا ودعمها بالا سلحه والذخائر حتى تتمكن من مواصله العمل

ولذلك فقد أطلق على هذه ألمرحله بالانطلاقة ألثانيه والتي بدأت اعتبارا من 28\8\1967.هذا وقد أعلنت فتح انطلاقتها ألثانيه في البلاغ العسكري رقم ( 75) معلنه عن ولادة مرحله جديدة من الكفاح المسلح.ومنذ تلك أللحظه وحتى مطلع عام 1968تمكنت فتح من
:- تنفيذ (79)عمليه عسكريه

مقتل وجرح (318)جندي صهيوني
تم مهاجمه (13) مستوطنه صهيونيه
تم تدمير(42) سيارة واليه عسكريه
تم نسف مستودع ذخيرة رئيسي في منطقه عكا
كما تم قصف ضواحي القدس بالصواريخ وضواحي تل أبيب بمدافع الهاون
قدمت فتح خلال هذه العمليات -46- بطلا بين شهيد وجريح

لقد انتشر الفلسطينيون النازحون من من الضفة الغربية اثر حرب 1967 في منطقة الكرامة وغيرها من البلدات الواقعة في الشريط الدافئ في منطقة الأغوار , ولذلك فقد سبق الهجوم على الكرامة أسبوع أو أكثر استمر فيه القصف المدفعي على منطقة الكرامة و كريمة و غيرها من المواقع في شريط الأغوار إضافة إلى فصل الشتاء الأمر الذي دفع الحكومة الأردنية إلى إنشاء مخيمات جديدة لاستيعاب هذا الحجم الهائل من النازحين و الموجود بشكل كثيف في منطقة الأغوار و قد اتخذ في الخطوة أيضا للحد من الخسائر البشرية التي بدأت تتزايد بسبب القصف الإسرائيلي العشوائي من هنا تم إنشاء مخيمات في كل من زيزيا و البقعة و سوف وشلنر و كان لفصل الشتاء و ارتفاع منسوب مياه نهر الأردن الأكثر فعال في تعطيل دخول الكثير من الدوريات إلى الأرض المحتلة ، و لذلك ، بقيت معظم هذه الدوريات في الكرامة تمهيدا لإتاحة المجال لها للعبور

كان لتزايد المعلومات عن احتمال اجتياح عسكري لمنطقة الكرامة أثره في التحرك و بسرعة في إجراء بعض التدريبات الخاصة بالمواجهة ، مثل خطر الأنفاق و الخنادق الإسمنتية و كذلك إنشاء بعض الملاجئ و غير ذلك من الإجراءات التي تمكن مقاتلينا من التصدي للعدو

و في يوم التاسع من آذار صرح الناطق الرسمي لحركة فتح إن العدو يقوم بحشد قوات كبيرة على طول نهر الأردن للقيام بهجوم يسبقه حملة إعلامية معادية يقوم بها ليفي اشكون رئيس وزراء العدو في حديث أمام الكنيست و كذلك رئيس أركانه بارليف مدير استخباراته اهارون ياريف و كذلك مناحيم بيقن. مركزين على انطلاق العمليات الفدائية من الأردن و لأنه لا يريد من تحطيم قوتهم قبل أن يصبح القضاء عليها أكثر صعوبة و تكلفة و قد أكد البيان أننا سنواجه العدوان إذا تم بكافة إمكاناتنا و قدراتنا

اذكر انه في ألليله التي سبقت العدوان كنت موجودا في مقر القيادة في ألكرامه وكان الأخ أبو عمار موجودا وكذلك الأخ أبو إياد وطلب الأخ أبو عمار إن نتوجه إلى مقر قوات التحرير الشعبية شمال المخيم حيث تواجد آنذاك صائب العاجز , احمد جبريل , بهجت الأمين , عبد العزيز الوجيه , نهاد أبو غربيه . وكان الأخ أبو عمار والأخ أبو إياد وعبد العزيز أبو فضه . واذكر انه جرى نقاش حول احتمالية الهجوم وإمكانيات ألمواجهه , وقد ابلغ الأخ أبو عمار الجميع بان فتح ستواجه العدوان حتى ولو لوحدها , لان هذه المعركة هي الفاصل بين الهزيمة والنصر , وهذه معركتنا أي معركة فلسطين فأما إن نقاوم وأما أن نذهب إلى مزبلة التاريخ ولا نستحق أن نكون أبناء فلسطين , واذكر وقتها انه وصلت بعض الأسلحة الجديدة لقوات التحرير الشعبية , بنادق كلاشنكوف ومدافع ب.10 وهي مضادة للدروع . وقد عدنا وتم تفقد مواقع فتح في المخيم غرب وشمال المخيم , وقد ركزنا على التلال الواقعة شرقي المخيم ( بركسات الدجاج ) لاحتمال أن بعمد العدو إلى استخدام الإنزالات الجوية بغية محاصرة البلدة وعدم إتاحة المجال أمام مقاتلينا بالانتشار شرقا

اذكر انه تم حفر مجموعة من الأنفاق داخل الكرامة , وتم إخفاء بعض الأسلحة والذخائر فيها إضافة إلى استخدامها إذا تم العدوان على البلدة

المقدمة

في الأول من يناير من عام 1965 فجرت فتح انطلاقتها المباركة بعد مرور سبعة عشر سنة على الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين مفجرة السكون الذي مر خلال هذه السنين، الأمر الذي اعتقد فيه الإسرائيليون أنهم أصبحوا في مأمن، رغم العدوان الإسرائيلي على مصر عام1956 والذي اثبت للإسرائيليين عجز العرب عن المقاومة و عن القتال، الأمر الذي جعلهم يعتقدون انه بإمكانهم التوسع في أراضي الدول العربية في أي وقت يشاءون

جاءت انطلاقة فتح بوجه جديد من المقاومة و هي أسلوب حرب العصابات، و هي الحرب الطويلة الأمد التي تتناقض و القدرة الإسرائيلية على مواجهة حرب مفتوحة ليس لها نهاية
واجهت فتح عراقيل كثيرة و فتحت عليها مدبره من علامات الاستفهام من هي فتح، و متى و كيف تأسست و من وراءها فهل هي إخوان مسلمون، أوتا بعه لحلف الناتو، و رغم المذكرات التي قدمتها فتح للدول العربية، و لجامعة الدول العربية، إلا أن وسائل الإعلام وجدت من فتح و انطلاقتها فرصة للإدلاء بدلوها بالكتابة يسارا أو يمينا
فتح التي واجهت معركة الانطلاقة في صفوف قيادتها بين مؤيد و معارض، فتح التي واجهت تمويل الانطلاقة، لشراء الأسلحة و الذخائر و المتفجرات و غير ذلك من الأمور الإدارية، فتح التي واجهت المشككين في وطنيتها و التزامها الفلسطيني و العربي، فتح التي واجهت محاولة احتوائها من قبل الأجهزة العربية رغم ذلك استمرت عملياتها من خلال شباب فلسطيني وطني امتطوا الصعاب ، امنوا بالله ربا و بالإسلام دينا و بالوطن، امتطوا الصعاب فعلا لأنهم كانوا يتوجهون إلى فلسطين سيرا على الأقدام من سوريا عبر حدود الأردن و اجتياز نهر الأردن ثم الدخول إلى فلسطين ، ومن سوريا عبر الحدود ألسوريه أللبنانيه ومن ثم اجتيازا لحدود من جنوب لبنان باتجاه الأهداف الإسرائيلية شمال فلسطين ألمحتله. وذلك ضمن مجموعات صغيرة ، غير آبهين للتعب و الجهد ، و الجوع أحيانا ، فكل ذلك كان يهون أمام تحقيق الأهداف العليا و هي إيقاع اكبر الخسائر في صفوف العدو مقابل اقل الخسائر في جانبهم و هذه هي خلاصة حرب العصابات (الكر و الفر و إيقاع اكبر الخسائر في صفوف العدو مقابل اقل الخسائر في صفوف أفراد حرب العصابات) . و هذه هي قناعتنا في المرحلة الأولى من الانطلاقة بسبب تفوق العدو و بسبب الظروف العربية المحيطة بفلسطين

و جاءت حرب حزيران ( الخامس من حزيران1967 ) لفتح فجوه واسعة في جدار الصمت الباهت في المنطقة. لان الصلف الإسرائيلي رأى من خلال النجاحات التي حققها في عام 1948 ، و في عام 1956 ، حين احتل سيناء و غزة و انسحب منها بأمر من المجتمع الدولي آنذاك، اعتقد انه بإمكانه احتلال ما يريد من الأرض لان الطرف المقابل له لا يريد الدفاع عن الأرض. و هذا الأمر ظهر له واضحا من خلال ( حربي 1948 ، 1956 ) و جاءت حرب حزيران حتى يتمكن العدو من تثبيت احتلاله الأول عام 1948م و هذا أولا ، و حتى يستكمل احتلال باقي فلسطين ، ثانيا و من ثم محاولة احتلال سيناء ، و هضبة الجولان للمساومة عليها إذا كانت هناك مقاومة عربية ، أو إرادة دولية تجبرها على الانسحاب . لان العرب طالما انه ليست لديهم الإرادة للانتصار على إسرائيل بفضل قوة إسرائيل و علاقاتها الدولية الضامنة لأمنها فمن يمنعها من التصرف

في صباح يوم الخامس من حزيران شهدت كل من الجبهة المصرية و السورية و الأردنية جحيم من الحمم البركانية ، هطلت عليها ، تمكنت قوات العدو من احتلال سيناء و غزة و هضبة الجولان و كذلك الضفة الغربية في غفلة من الزمن ، انهارت هذه الجبهات , و رفعت الأعلام الصهيونية على تلك الأراضي , دمرت الطائرات المصرية , و تشرد الجيش المصري في الصحراء هائما على وجهه ، الآلاف من أولئك الأبطال قضوا في الصحراء و القليل منهم الذي اسر

أما على الجبهة السورية فرغم أن الدبابات السورية وصلت طلائعها إلى سهل طبريا و بدأت تدك المستوطنات الصهيونية ، إلا أن نشوة النصر هذه تبددت اثر إعلان من الإذاعة السورية يذيع سقوط مدينة القنيطرة، و كذلك سقوط الجبهة المصرية هذان العاملان دفعا بالقوات السورية التي اجتازت الخطوط الدفاعية الإسرائيلية إلى الانسحاب غير المنظم وتصادمت قواتها المتراجعة بعضها ببعض لان سقوط مدينه القنيطرة في يد العدو معناه محاصره القوات ألمتقدمه واحتمال إبادتها الأمر الذي أدى إلى إيقاع خسائر كبيرة في صفوفها أما مقاتلينا الذين كانوا يتقدمون الجيش السوري و التي كانت مهماتهم إيقاع الخسائر في صفوف العدو و تخريب منشاته لم يكن حظهم أوفر من حظ القوات السورية ، فاستشهد العديد من أبناء فتح في هضبة الجولان

و على الجبهة الأردنية احتلت الضفة الغربية بما فيها القدس رغم حدوث مواجهات في بعض المواقع مثل القدس و غيرها و انسحب أفراد الجيش الأردني إلى الضفة الشرقية، في ستة أيام انتهى كل شيء وسيطر العدو على سيناء و الضفة الغربية و قطاع غزة و هضبة الجولان.
كابوس من الجحيم من الذل و المهانة والحسرة . نزل في الشعوب العربية الأمر الذي أدى إلى انحطاط الروح المعنوية لدى الشارع العربي ، و ازداد الأمر سوءا اثر استقالة الرئيس عبد الناصر و نزول الشعب المصري إلى الشوارع و ثنيه عن الاستقالة

لكن ذلك وضع القضية الفلسطينية في مهب الريح، و زاد من المهام الملقاة على عاتق حركة فتح. فكان لا بد لفتح من أن تعي جيدا، فإما أن تنطلق و بقوة لإعادة الروح التي ترنحت في أجساد الشعب العربي بشكل عام و الشعب الفلسطيني بشكل خاص. فكان لا بد من طرح عامل اليأس و القنوط جانبا و لا بد من الاستمرار في عملها و بشكل فعال ونشط

في الثامن عشر من حزيران و بعد النكسة مباشرة، أرسلت فتح ثلاثين من خيرة كوادرها إلى الصين الشعبية ليتعلموا أصول حرب العصابات، و الحرب الشعبية الطويلة الأمد. و من جانب آخر اتخذ قرار بدخول الأخ أبو عمار و الكثير من الكوادر الأخرى إلى الضفة الغربية لإعادة ترتيب الوضع هناك و تنظيمه بما يتلاءم مع الظروف الجديدة ، أي ظروف الاحتلال ، و إيجاد حركة اتصال دائمة بين الداخل و الخارج و تامين الدعم اللوجستي لهم من حيث الأسلحة و الذخائر و غيرها . و ربط المناطق بعضها ببعض . و هذا ما تم فعلا ، حيث تم إدخال مجموعات كبيرة تم نشرها في مختلف المناطق ، و قد ساهم وجود الأخ أبو عمار في الضفة الغربية في رفع الروح المعنوية لدى شعبنا رغم أن وجوده كان سريا حيث تنقل بين القدس و الخليل و نابلس و غيرها و أسهم في ترتيب و تنظيم القواعد الإرتكازية في مختلف المناطق و سبل الاتصال بينها

في يناير 1968 ، استدعى الأخ أبو عمار الدورة من الصين الشعبية بعد أن مضى على وجودها ستة أشهر تقريبا، للحاجة إليهم و لتكليفهم في مهام داخل الأراضي المحتلة

قبل حرب حزيران كانت نقطة الانطلاق هي دمشق و من دمشق كانت توجه الدوريات عبر كل من الحدود – السورية – الأردنية – الفلسطينية أو عبر الحدود السورية اللبنانية – الفلسطينية، كما أسلفنا. وهذا العمل مرهق لإفراد الدوريات و كذلك للتكاليف، بسبب العجز المالي الذي رافق الانطلاقة، و الذي كان يعتمد جميعه على التبرعات و الاشتراكات الشهرية لأفراد التنظيم. لذلك فقد كان لوجود القوات العراقية اثر كبير في مساعدتنا على التنقل من الحدود السورية إلى داخل الأردن و كانت منطقة ( الحمراء ) الواقعة في منطقة المفرق و القريبة من الحدود السورية هي نقطة
التجمع و الانطلاق من سوريا و بالتالي إلى منطقة الأغوار بعد عودة الأخ أبو عمار من الضفة الغربية إلى سوريا ، رأى انه من الضرورة بمكان إعادة ترتيب قاعدة انطلاقه للمهام ، مستفيدين من الوضع الذي استجد بعد حرب حزيران ، فكانت منطقة الأغوار الشمالية و الجنوبية هي المرشحة لإعادة التمركز فيها و استخدامها كقاعدة انطلاق بين الأراضي المحتلة و الساحة الأردنية
من هنا جرى انتقال قيادة فتح إلى الأردن و في منطقة الكرامة بشكل محدد ، و لذلك كان العمل في الكرامة كخلية نحل ، يؤتى بالدوريات و
يتم تدريبها في قاعدة الشهيد أبو يوسف و يتم إعدادها من حيث التدريب و التأهيل و التسليح و يتم زجها إلى الضفة الغربية ، عبر نهر الأردن " الشريعة " و لان نهر الأردن يعتبر أسرع نهر في العالم فلا بد من تدبر أمر اجتياز النهر خاصة في فصل الشتاء سيما وأن العديد من الأفراد لا يستطيعون السباحة إما في فصل الصيف فهناك مناطق قد تسهل الاجتياز عبر مناطق يطلق عليها ( بالمخاضات ) و هي ليست عميقة . وعاده ما يكون ضمن الدورية دليل تعرف الطرق المؤدية إلى المناطق التي ستتوجه إليها الدورية و كذلك يكون سباح ماهر من ضمن الدورية حتى يساعد الأفراد الذين لا يعرفون السباحة و غالبا كل فرد من أفراد الدورية يحمل رشاشا ( سمو بال ، أو ستارلنج ، أو شما يزر إن وجد ، إضافة لمطره ماء و بعض القنابل اليدوية ، و متفجرات مع بعض المواد التموينية )
أما بالنسبة لأعداد الدوريات فكانت حسب نوع المهمة و غالبا ما تكون بين ( 3-5 ) أفراد أو ( 5-7 ) أفراد على أكثر تقدير. حتى تتمكن هذه الدوريات من عبور النهر بشكل سريع هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى فان هذه تسير ضمن ارض محتلة ، فحتى يسهل عليها التمويه و الاختباء من حركة الآليات و الدوريات و الطيران المعادي ، أثناء النهار و في جنبات الليل . لان المسير يستمر أياما خاصة عندما تتوجه الدوريات إلى الخليل و بيت لحم ، و إلى نابلس و جنين و طول كرم أو لقطاع غزة . وهذه الدوريات يحدد لها مهام قبل توجهها إلى الأرض المحتلة منها ما تكون المهمة إيصال أسلحة و ذخائر و العودة، و منها للاتصال بأفراد و في مناطق معينة، و منها للتمركز في مناطق معينة، و تنظيم الوضع التنظيمي و القتال فيها و هكذا. حتى أصبحت الكرامة قاعدة إرتكازية مهمة جدا لاستمرار التواصل مع الأرض المحتلة

كانت التعليمات مع كافة الدوريات التي تجتاز النهر من منطقة الكرامة بعد الاشتباك مع العدو و محاولة تفويت فرصة الاشتباك معه حتى تتمكن الدورية من شق طريقها إلى هدفها المحدد. و لكن كان يفرض عليها الاشتباك عندما تصطدم مباشرة مع دوريات العدو عندها لا بد من الدفاع عن النفس، كان الهدف من كل ذلك الحفاظ على مناطق العبور من الكرامة و إليها و حتى لا يغلقها الإسرائيليون. باعتبار الكرامة هي اقرب المناطق في محاذاة قلب ا لضفة الغربية

سبعة شهور مرت على حرب حزيران تمكنت حركة فتح من انجاز الكثير من المهام سواء من حيث التدريب و التأهيل و زج عشرات الدوريات إلى الضفة الغربية ، و كذلك إعادة الانتشار في شريط الأغوار من الشونة الشمالية شمالا و حتى الشونة الجنوبية جنوبا

هذه الحركة النشطة كانت لا شك تثير العدو الإسرائيلي خاصة و انه كان يتابع من خلال استطلاعاته البر ية و الجوية و عملائه هذا التواجد المكثف لحركة فتح ، و بعض الفصائل الأخرى ، ويبدوا أن إسرائيل وجدت من هذا التواجد مركز انزعاج لها ، الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ قرار باقتحام منطقة الكرامة و تصفية الوجود الفدائي فيها ، و إجهاض هذا النمو المطرد فيها . و لذلك أصبحت الكرامة هدفا للقصف المدفعي شبه اليومي لكافة المواقع في الكرامة شمالها و جنوبها و وسطها تهيئة لاقتحامها . موشيه دايان وزير الدفاع الإسرائيلي الذي قال أن الفدائيين كالبيضة في يدي اكسرها متى أشاء

Sunday, March 25, 2007

شهادتي التاريخية

دماء شهداء الكرامة أعادت الروح إلى أجساد الأمة العربية
مهما حاول المرء أن يصف شعوره وهو يكتب أو يشهد لحظات طواها التاريخ دون أن يعطيها حقها الذي روي بدماء هؤلاء الأبطال عن طواعية، شاهدوا الموت فاقتربوا كما شاهدوا آلات الموت والدمار فازدادوا تمسكا بالمقاومة؛ إيمانهم وإرادتهم التي لا حدود لنهايتها دفعتهم إلى تفجير الطاقات الكامنة ضد عدو متغطرس احتل الأرض والعرض احتل البيت والشجر والحجر. جاءت لحظه الانتقام ؛ فرصه نادرة أن يأتيك العدو بدل أن تذهب للبحث عنه يكفي انه وفر عليك عناء المسير في الفيافي والقفار واجتياز الأنهر وركوب المخاطر والصعاب.
ها هو يأتي ولأول مره يطلب هؤلاء الأبطال من قيادتهم المواجهة ولأول مره تتزاحم أقدام الأبطال وتعمل ليل نهار في تجهيز الخنادق والملاجئ وخطوط الاتصال بين القواعد والبيوت. الكل كان يعمل ليلا ونهارا عندما أصبح من شبه المؤكد أن الكرامة ستتعرض للهجوم
شاءت الأقدار أن أعود إلى الكرامة ففي منتصف شهر كانون الأول كنا في دوره في الصين الشعبية – دورة قادة فدائيين - وبناء لطلب الأخ أبو عمار استدعينا للعودة فورا وبدون تأخير. اذكر هنا من أفراد الدورة (الشهيد أبو صبري، الشهيد أبو الهول، الشهيد موسى عرفات، هاني الحسن، نصر يوسف، الطيب عبد الرحيم، إبراهيم أبو الخل، الحاج إسماعيل، حمدان عاشور، يونس الشريف، إبراهيم الطري، احمد الخطيب، وليد أبو شعبان، عبد العزيز أبو فضة وعدد آخر قد تخونني الذاكرة لاستيفاء أسمائهم) المهم عدنا إلى دمشق وتم وضعنا في مكان سري تمهيدا لتوزيعنا ضمن مهام سريه، ومن هناك بدأ توزيع المهام. وكانت مهمتي ومعي ( 17) مناضل أذكر منهم الشهيد موسى عرفات وزهير الوزير. وكانت مهمتنا الدخول إلى الأرض المحتلة عبر نهر الأردن. حيث سيتولى موسى عرفات التوجه إلى قطاع غزة في مهمة هناك، أما أنا فكانت مهمتي التوجه إلى منطقه الخليل بغرض تأمين قاعدة إرتكازية في جبال منطقة الخليل. وفي النصف الأول من شهر يناير لا اذكر التاريخ بالضبط بدأ تجميعنا في مكان في دمشق يطلق عليه -34- وقد تم نقلنا بعد ذلك من دمشق في سيارة لاندروفر الوحيدة التي كانت لدينا، وتم اجتياز الحدود السورية الأردنية حيث تم إيصالنا إلى منطقة الحمراء وهي قريبه من مدينه المفرق. وبعد أن تم تجميع كافة أفراد الدورية. تم إحضار سيارة شحن تابعه للجيش العراقي حيث جلسنا في السيارة وتم إغلاق السيارة وتوجهت بنا إلى الكرامة
وكانت المسافة طويلة والطريق في معظمه غير معبد، وما أن وصلنا الكرامة حتى تنفسنا الصعداء من كثره التعب والإعياء الذي الم بنا. وطلبنا من السائق وضعنا في الجانب الغربي من الكرامة حيث سنأخذ قسطا من الراحة هذه الليلة ومن ثم نقوم بالاستطلاع اللازم لاجتياز النهر
كان لابد لنا من الأخذ بعين الاعتبار عدم الاحتكاك بالجيش الأردني؛ لأنه وحتى تلك أللحظه لم يكن لنا تواجد في منطقه الأغوار بل لا بد أن يكون تحركنا سريا وبعد أن نزلنا من السيارة عادت السيارة أدراجها . أما نحن فقد اختبأنا خلف إحدى السناسل في غربي الكرامة؛ وفي نفس اللحظة التي نزلنا فيها واجهتنا مشكلتان الأولى أن الأمطار بدأت تنهمر وبشكل مفاجئ والأخطر من ذلك فقد بدأت مدفعيه العدو بقصف المنطقة الغربية ما الكرامة وهي نفس المنطقة التي نتواجد فيها. أمام هذا الموقف السيئ الذي واجهنا كان لابد من التصرف وبسرعة. فان أول إجراء لابد من القيام فيه هو إيجاد مكان لإيواء المجموعة ولا بد أن يكون آمنا وكذلك تامين الطعام لهم وهذه مسؤولية كبيرة

كنت اعلم قبلها أن أهالي بلدتنا يقيمون في الكرامة لكنني لا اعلم أين يسكنون ولم أكن على علم كذلك إن والدتي وإخوتي قد خرجوا من الضفة الغربية وجعلوا من الكرامة إقامة لهم وكنت لم أرهم منذ ثلاث سنوات. طلبت من الشباب الانتظار حتى أجد مكانا لهم وتركتهم جالسين على الأرض حتى لا يراهم المواطنون وبالتالي إبلاغ الجيش الأردني. توقفت قليلا لعلني أجد أحدا . وما هي إلا لحظات حتى مر بقربي رجلا فاستوقفته لأساله من أي بلدة أنت فقال انه من عجور عندها اضطررت لسؤاله من أي عائلة فأجاب الرجل قلت له هل تسكن قريبا من هنا فقال نعم عندها قلت هل لديك غرفه فارغة مؤقتا فأجاب نعم؛ فعلا ذهبت وإياه لرؤية الغرفة وأبلغته بأنني أريد إحضار مجموعه من الشباب مؤقتا، عندها أبلغته عني ومن أكون؛ لا شك انه رجلا محترما أحضرت الشباب ووضعتهم في الغرفة وكان الرجل كريما استضافنا هنا وقد نقلتهم في نفس الليلة إلى مكان أخر أكثر أمانا في بيت ابن عم لي

قال لنا سكان الكرامة أنها المرة الأولى التي يقصف فيها مخيم الكرامة. وفي صباح اليوم التالي ذهبت وموسى عرفات لاستطلاع النهر لعلنا نتمكن من العبور في تلك الليلة؛ وقد وصلنا النهر فعلا؛ كان الفصل شتاءا ومنسوب النهر عال جدا إلا أننا اتفقنا على المحاولة في تلك الليلة؛ وعند الغروب تحركنا إلى النهر مع المجموعة. استخدمنا كل الوسائل المتاحة لاجتياز النهر من الحبال إلى عجلات الكاوتشوك ولكن للأسف فان ارتفاع منسوب النهر حال دون تمكننا من العبور. ورغم ذلك فقد حاولنا على مدار الأيام الثلاثة التالية ولكن للأسف بدون جدوى. فصل الشتاء كان العائق فعلا ليس نحن فقط بل هناك العديد من الدوريات لم تتمكن أيضا. إن مهمتنا كانت العبور وليس التوقف في الكرامة وغيرها. ولذلك ابلغنا القيادة عدم مقدرتنا على العبور ناهيك أن العديد من أفراد الدورية لا يعرفون السباحة وهذه مشكله تضاف إلى المشاكل الأخرى
اقترحنا على القيادة أن نحاول من جنوب البحر الميت وفعلا تم إبلاغنا أن إحدى سيارات الجيش العراقي قادمة لتقلنا إلى منطقه غور الصافي؛ وفعلا جاءت السيارة في الوقت المحدد وتوجهت بنا إلى الكرك ومن ثم إلى غور الصافي

أنزلتنا السيارة ومضت ؛أما نحن فبدأنا المسير جنوبا وبالليل حتى لا يرانا احد من المواطنين استمررنا في السير حتى ساعة متأخرة من الليل حتى أصبحنا على موازاة إحدى المستوطنات جنوب غور الصافي واتفقنا على التوقف وإيجاد مكان امن نستطيع الاختفاء فيه وحتى لا يرانا احد ليس من الجيش الأردني فقط بل من الاستطلاع الصهيوني أو المواطنين حتى لا يوشي بنا احد

كان مسيرنا مهلك طوال الليل وما إن وجدنا مكانا ملائما حتى نام الجميع بلا حراك بعد أن أمنا الحراسات كمناوبة طبعا، فقد أمنا الطعام والماء ولكن كم يكفينا ذلك لا شك انه يمكن أن يكفي لمده أسبوع على الأكثر. لاصقت أجسادنا الخائرة جسد الصحراء البارد فكل منا يحمل بطانية واحده أضافه إلى الطعام والماء والسلاح والذخيرة والقنابل اليدوية الخ. لا شك بان الحمل كان ثقيلا لكننا كنا شباب وجميعنا في العشرينات من العمر؛ لا شك بان احسدنا كانت ترتعش من البرد حتى أن جميعنا أصيب بالإسهال في تلك الليلة

بدأت خيوط الشمس تنشر أشعتها على الصحراء ولكن خيوطها لم تقترب من الدفيء بعد وكان للإرهاق الكبير الذي ألم بأجسادنا أثره الفعال في تمكيننا من اختلاس لحظات من النوم. ومع انبلاج فجر جديد من ذلك النهار بعد هذه الليلة الليلاء التي عشناها منكمشي الأجساد؛ فنحن لا نستطيع إيقاد النار رغم إن الحطب كثير فنحن لا نبعد عن المستعمرة أكثر من 3-4 كم فقط
في مساء اليوم التالي لوصولنا توجهنا فورا إلى الحدود واقتربنا من الناحية الجنوبية من المستوطنة؛ وتوغلنا طرفها الجنوبي واقتربنا من تلال رمليه هناك وكانت مفاجئتنا كبيره فكلما اقتربنا من منتصف السفح الرملي ينهار بنا الرمل فننزل إلى أسفل؛ بقينا على هذه الحال إلى ما بعد منتصف الليل واستمررنا حتى بدأ الظلام ينقشع فقررنا العودة بعد أن ألم بنا الإرهاق والتعب. وأثناء عودتنا من أطراف المستوطنة دخلنا في مزرعة أبقار كبيره جدا خاليه ليس بها احد وهي مليئة بالأبقار. واصلنا مسيرة العودة لمنطقه فريفره إلى نفس المكان الذي نمنا فيه الليلة الماضية

فعلا كان ذلك مأزقا كبيرا فهو أكثر خطورة من النهر، فإذا ما اكتشفنا العدو ستكون كارثة فلا احد منا يستطيع الحراك. المهم أننا أصبحنا بعيدين فلا اتصالات ولا أجهزه لاسلكية وطعامنا يمكن أن ينفذ فالفرد منا يأكل في حالة إرهاقه أكثر وكذلك المياه هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان عودتنا من جديد قد تفسر بشكل سلبي، وحتى لو فكرنا بالعودة؛ كيف سنعود ونحن نحمل الأسلحة والذخائر. واستقر بنا الرأي أن نترك ذلك للظروف في الأيام القادمة ...... يتبع